الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
محمد بن صالح العثيمين مجموع فتاوى ورسائل - 7 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الحمد في الآخرة والأولى، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المصطفى وخليله المجتبى ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن بهداهم اهتدى وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد: فقد كنت أقيد بعض المسائل المهمة التي تمر بي حرصًا على حفظها، وعدم نسيانها، في دفتر وسميتها (فرائد الفوائد). وقد انتقيت منها ما رأيته أكثر فائدة وأعظم أهمية، وسميت ذلك: - (المنتقى من فرائد الفوائد). أسأل الله تعالى أن ينفع به، وأن يجعل لطلبة العلم فيه أسوة. ومن سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة. القسم الأول: فوائد في العقيدة: [فوائد من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية من (كتاب الإيمان (] . فائدة: الإسلام: هو الاستسلام لله وحده، بشهادة أن لا إله الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، فهو الخضوع لله تعالى، والعبودية له وحده فمن استكبر عن عبادته وأشرك معه غيره فغير مسلم. فإن قيل: ما أوجبه الله تعالى من الأعمال أكثر من الخمسة المذكورة التي جعلها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هي أركان الإسلام، أو هي الإسلام؟
فالجواب هو: أن ما ذكره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو الذي يجب على كل مكلف بلا قيد، وأما ما سواه فإما أنه يجب على الكفاية، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحوه، أو لأسباب كصلة الرحم، إذ ليس كل أحد له قرابة تجب صلتهم. كذا ذكر الشيخ الجواب لكن يرد على هذا الزكاة والحج إذ ليس كل أحد عنده مال حتى يجب عليه الزكاة والحج، ولعل الجواب أن هذه الخمس المذكورة هي أكبر أجناس الأعمال، فإن الأعمال على ثلاثة أقسام: قسم أعمال بدنية ظاهرة كالصلاة، وباطنة كالشهادتين، وهما أيضًا من الأقوال. وقسم أعمال مالية كالزكاة. وقسم مركب من النوعين كالحج. فذكر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الأصول وأن المرء إذا قام بأصل من هذه الأجناس فهو مسلم، وأيضًا فإن صلة الرحم قد يكون الداعي فيها قويًا ليس من جهة الشرع بل من جهة الإنسانية، بخلاف الزكاة والحج!! فائدة: الناس في تفاضل الإيمان وتبعضه على قولين: أحدهما : إثبات ذلك وهو الصواب الذي تدل عليه الأدلة العقلية والنقلية، وهو قول المحققين من أهل السنة. وتفاضله بأمرين: الأول من جهة العامل. وذلك نوعان: الأول في الاعتقاد، ومعرفة الله تعالى، فإن كل أحد يعرف تفاضل يقينه في معلوماته، بل في المعلوم الواحد وقتًا يرى يقينه فيه أكمل من الوقت الآخر. النوع الثاني: في القيام بالأعمال الظاهرة كالصلاة، والحج والتعليم، وإنفاق المال، والناس في هذا على قسمين: أحدهما: الكامل وهم الذين أتوا به على الوجه المطلوب شرعًا. الثاني: ناقصون، وهم نوعان: النوع الأول، ملومون، وهم من ترك شيئًا منه مع القدرة وقيام أمر الشارع، لكنهم إن تركوا واجبًا أو فعلوا محرمًا فهم آثمون، وإن فعلوا مكروهًا أو تركوا مستحبًا فلا إثم. النوع الثاني: ناقصون غير ملومين، وهم نوعان: الأول: من عجز عنه حسًا، كالعاجز عن الصلاة قائمًا. الثاني: العاجزون شرعًا مع القدرة عليه حسًا. كالحائض تمتنع من الصلاة، فإن هذه قادرة عليه، لكن لم يقم عليها أمر الشارع. ولذلك جعلها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ناقصة الإيمان بذلك فإن من لم يفعل المأمور ليس كفاعله. ومثل ذلك من أسلم ثم مات قبل أن يصلي لكون الوقت لم يدخل، فإن ذلك كامل الإيمان لكنه من جهة أخرى ناقص، ولا يكون كمن فعل الصلاة وشرائع الإسلام، ومن ذلك قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: الأمر الثاني: من جهة العمل، فكلما كان العمل أفضل كانت زيادة الإيمان به أكثر. القول الثاني: نفي التفاضل والتبعض، وانقسم أصحاب هذا القول إلى طائفتين.
إحداهما: قالت: إن من فعل محرمًا أو ترك واجبًا فهو مخلد في النار، وهؤلاء هم المعتزلة. وقالوا: هو لا مسلم ولا كافر منزلة بين منزلتين. وأما الخوارج فكفروه. الطائفة الثانية : مقابلة لهذه قالت : كل موحد لا يخلد في النار والناس في الإيمان سواء، وهم المرجئة. وهم ثلاثة أصناف. صنف قالوا: الإيمان مجرد ما في القلب وهما نوعان. الأول : من يدخل أعمال القلوب وهم أكثر فرق المرجئة. والثاني: من لا يدخلها وهم الجهمية وأتباعهم كالأشعري، لكن الأشعري يثبت الشفاعة في أهل الكبائر. والصنف الثاني: قالوا: الإيمان مجرد قول اللسان. وهم الكرامية، ولا يعرف لأحد قبلهم، وهؤلاء يقولون: إن المنافق مؤمن، ولكنه مخلد في النار. الثالث: قالوا: إنه تصديق القلب وقول اللسان. وهم أهل الفقه والعبادة من المرجئة، ومنهم أبو حنيفة وأصحابه. فائدة: مراد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله : قلت: ومن رضي بالذنب واطمأن إليه فهو كفاعله لا سيما مع فعل ما يوصل إليه وعجز وقد قال الشيخ رحمه الله : (1) فائدة: الإسلام عبادة الله وحده، فيتناول من أظهره ولم يكن معه إيمان، وهو المنافق، ومن أظهره وصدق تصديقًا مجملًا، وهو الفاسق، فالأحكام الدنيوية معلقة بظاهر الإيمان لا يمكن تعليقها بباطنه لعسره أو تعذره، ولذلك ترك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عقاب أناس، منافقين مع علمه بهم، لأن الذنب لم يكن ظاهرًا. أ.هـ . ما أردنا نقله من (كتاب الإيمان) على نوع من التصرف لا يخل بالمعنى . ومن كلام الشيخ الإسلام في شرح عقيدة الأصفهاني. فائدة: الله جل جلاله لا يدعى إلا بأسمائه الحسنى خاصة، فلا يدعى ولا يسمى بالمريد والمتكلم، وإن كن معناهما حقًا، فإنه يوصف بأنه مريد متكلم، ولا يسمى بهما، لأنهما ليسا من الأسماء الحسنى ، فإن من الكلام ما هو محمود ومذموم، كالصدق والكذب، ومن الإرادة كذلك كإرادة العدل والظلم. فائدة: كل صفة لابد لها من محل تقوم به، وإذا قامت الصفة بمحل فإنه يلزم منها أمران: الأول: عود حكمها علي ذلك المحل دون غيره. الثاني: أن يشتق منها لذلك المحل اسم دون غيره. مثال ذلك: الكلام فإنه يلزم من أثبت كونه من صفات الله تعالى أن يشتق منه اسم دون غيره، لكن لا يلزم من ذلك أن نثبت له اسمًا بأنه متكلم كما سبق، ويلزم أن لا يجعله مخلوقًا في غيره خلافًا للجهمية، حيث زعموا أنهم أثبتوا الكلام وجعلوه مخلوقًا فإنه يلزم من كلامهم نفي الكلام عن الله، كما نفاه متقدموهم.
|